فصل: فَصْلٌ: (في أحكام الكفن)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. باب إنْ تَرَكَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ:

بِالتَّنْوِينِ (إنْ تَرَكَ) الْمُكَلَّفُ. (الصَّلَاةَ) الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ. (جَاحِدًا وُجُوبَهَا) بِأَنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ. (كَفَرَ) لِإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ لِجَوَازِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْلَمْهُ (أَوْ) تَرَكَهَا (كَسَلًا قُتِلَ حَدًّا) لَا كُفْرًا، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ» الْحَدِيثَ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ،«وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ». (وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلَاةٍ فَقَطْ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ) فِيمَا لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ تُجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلَا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا، وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ: فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَوْجَهُ إنَّمَا يُقْتَلُ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ، وَامْتَنَعَ عَنْ الْقَضَاءِ إذَا تَرَكَ قَدْرًا يَظْهَرُ بِهِ لَنَا اعْتِيَادُهُ لِلتَّرْكِ.
(وَيُسْتَتَابُ) عَلَى الْكُلِّ قَبْلَ الْقَتْلِ وَتَكْفِي الِاسْتِتَابَةُ فِي الْحَالِ، وَفِي قَوْلٍ: يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُمَا فِي الِاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ وَاجِبَةٌ. (ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ) بِالسَّيْفِ إنْ لَمْ يَتُبْ (وَقِيلَ: يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ) وَقِيلَ: يُضْرَبُ بِالْخَشَبِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ (وَيُغَسَّلُ) وَيُكَفَّنُ (وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ) وَقِيلَ: لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِذَا دُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ طُمِسَ قَبْرُهُ حَتَّى يُنْسَى وَلَا يُذْكَرَ (تَتِمَّةٌ) تَارِكُ الْجُمُعَةِ يُقْتَلُ، فَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا، فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يُقْتَلُ، وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْقَوِيُّ.

. كتاب الجنائز:

بِالْفَتْحِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ، مِنْ جَنَزَهُ أَيْ سَتَرَهُ، وَذُكِرَ هُنَا دُونَ الْفَرَائِضِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الصَّلَاةِ. (لِيُكْثِرَ) كُلُّ مُكَلَّفٍ (ذِكْرَ الْمَوْتِ) اسْتِحْبَابًا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، زَادَ النَّسَائِيّ:«فَإِنَّهُ مَا يُذْكَرُ فِي كَثِيرٍ إلَّا قَلَّلَهُ وَلَا قَلِيلٍ إلَّا كَثَّرَهُ» أَيْ كَثِيرٍ مِنْ الْأَمَلِ وَالدُّنْيَا، وَقَلِيلٍ مِنْ الْعَمَلِ. وَهَاذِمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَاطِعُ. (وَيَسْتَعِدَّ) لَهُ (بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ) إلَى أَهْلِهَا بِأَنْ يُبَادِرَ إلَيْهِمَا فَلَا يَخَافُ مِنْ فَجْأَةِ الْمَوْتِ الْمُفَوِّتِ لَهُمَا، وَصَرَّحَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّوْبَةِ لِئَلَّا يَغْفُلَ عَنْهُ. (وَالْمَرِيضُ آكَدُ) بِمَا ذُكِرَ أَيْ أَشَدُّ طَلَبًا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيُضْجَعُ الْمُحْتَضَرُ) أَيْ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِضِيقِ مَكَانٍ وَنَحْوِهِ) كَعِلَّةٍ بِجَنْبِهِ (أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمَصَاهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ (لِلْقِبْلَةِ) بِأَنْ يُرْفَعَ رَأْسُهُ قَلِيلًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ الْإِلْقَاءُ الْمَذْكُورُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ. وَوَسَّطَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ بِالْإِضْجَاعِ عَلَى الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِالْإِلْقَاءِ عَلَى الْقَفَا أَوَّلًا فَتَعَذَّرَ يُضْجَعُ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ. وَالْأَخْمَصَانِ هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ، وَحَقِيقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا، قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ. (وَيُلَقَّنُ الشَّهَادَةَ) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمُرَادُ ذَكِّرُوا مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ. (بِلَا إلْحَاحٍ) لِئَلَّا يَضْجَرَ، وَلَا يُقَالُ لَهُ: قُلْ، بَلْ يَتَشَهَّدُ عِنْدَهُ، وَلْيَكُنْ غَيْرَ وَارِثٍ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُ بِالِاسْتِعْجَالِ لِلْإِرْثِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُ الْوَرَثَةِ لَقَّنَهُ أَشْفَقُهُمْ عَلَيْهِ. وَإِذَا قَالَهَا مَرَّةً لَا تُعَادُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بَعْدَهَا. وَنُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُلَقَّنُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَيْضًا. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. (وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ{يس}) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ{يس}» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ. (وَلْيُحْسِنْ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ:«لَا يَمُوتَن أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» أَيْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَرْحَمُهُ وَيَعْفُو عَنْهُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ عِنْدَهُ تَحْسِينُ ظَنِّهِ وَتَطْمِيعُهُ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(فَإِذَا مَاتَ غُمِّضَ) وَإِلَّا لَبَقِيَتْ عَيْنَاهُ مَفْتُوحَتَيْنِ وَقَبُحَ مَنْظَرُهُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ«أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَخَصَ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: نَاظِرٌ أَيْنَ تَذْهَبُ، وَقُبِضَ خَرَجَ مِنْ الْجَسَدِ، وَشَخَصَ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ، أَيْ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ حَالَ إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مُنْفَتِحًا فَتَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ. (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ سَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخْذِهِ وَفَخِذُهُ إلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيُلَيَّنُ أَصَابِعُهُ أَيْضًا وَذَلِكَ لِيُسْهِلَ غُسْلُهُ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ إذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَانَتْ، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ تَلْيِينُهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (وَسُتِرَ جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُجْعَلُ طَرَفُ الثَّوْبِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ، وَاحْتَرَزَ بِالْخَفِيفِ عَنْ الثَّقِيلِ فَإِنَّهُ يَحْمِيهِ فَيُغَيِّرُهُ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«سُجِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ»، هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَسُجِّيَ: غُطِّيَ جَمِيعُ بَدَنِهِ. (وَوُضِعَ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ) كَمِرْآةٍ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَدِيدٌ فَطِينٌ رَطْبٌ، وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ. (وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَتُغَيِّرَهُ. (وَنُزِعَتْ) عَنْهُ (ثِيَابُهُ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يُرَى بَدَنُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ فِيمَا حُكِيَ. (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ كَمُحْتَضَرٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ) جَمِيعَهُ (أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ) بِهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ، فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ، أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ. (وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (بِغُسْلِهِ إذَا تَيَقَّنَ مَوْتُهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَا أَوْ يَمِيلَ أَنْفُهُ أَوْ يَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ، وَاحْتُمِلَ عُرُوضُ سَكْتَةٍ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ فَزَعٍ أَوْ غَيْرِهِ أُخِّرَ إلَى الْيَقِينِ بِتَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ أَوْ غَيْرِهِ. (وَغُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي فَرْعِ الْأَوْلِيَاءِ. (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) مَرَّةً (بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَكْفِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ هُنَاكَ.
(وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَيَنْوِي عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَيَكْفِي) عَلَى الْأَصَحِّ (غَرَقُهُ) عَنْ الْغُسْلِ (أَوْ غُسْلُ كَافِرٍ) لَهُ (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا. (وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) مِنْ النَّاسِ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ وَالْوَلِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَتِرُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ فَيَسْتَتِرُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ مَا يُكْرَهُ ظُهُورُهُ، وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ، وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ، ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ. (عَلَى لَوْحٍ) أَوْ سَرِيرٍ هِيَ لِذَلِكَ وَلِيَكُنْ مَوْضِعُ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَلَا يَقِفُ تَحْتَهُ.
(وَيُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ) يُلْبَسُ عِنْدَ غُسْلِهِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ، وَقَدْ«غُسِّلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَمِيصٍ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَلِيَكُنْ الْقَمِيصُ سَحِيقًا أَوْ بَالِيًا، وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَغْسِلُهُ مِنْ تَحْتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْقِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ قَمِيصٌ أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غُسْلُهُ فِيهِ سُتِرَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نَظَرِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ. (بِمَاءٍ بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ فَإِنَّهُ يُرْخِيهِ إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ لِوَسَخٍ أَوْ بَرْدٍ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَكُونُ الْمَاءُ فِي إنَاءٍ كَبِيرٍ، وَيُبْعَدُ عَنْ الْمُغْتَسَلِ بِحَيْثُ لَا يُصِيبُهُ رَشَّاشُهُ. (وَيُجْلِسُهُ الْغَاسِلُ) بِرِفْقٍ. (عَلَى الْمُغْتَسَلِ مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ، وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ) لِئَلَّا يَمِيلَ رَأْسُهُ (وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ) مِنْ الْفَضَلَاتِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ مِجْمَرَةٌ مُتَّقِدَةٌ فَائِحَةُ الطِّيبِ، وَالْمُعِينُ يَصُبُّ عَلَيْهِ مَاءً كَثِيرًا لِئَلَّا تَظْهَرَ رَائِحَةُ مَا يَخْرُجُ. (ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ) مَلْفُوفَةٌ بِهَا (سَوْأَتَيْهِ) أَيْ دُبُرَهُ وَقُبُلَهُ وَمَا حَوْلَهُ كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ. وَفِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ يَغْسِلُ كُلَّ سَوْأَةٍ بِخِرْقَةٍ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ الْأَوَّلُ، وَيَتَعَهَّدُ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ وَنَحْوِهِ. (ثُمَّ) بَعْدَ إلْقَاءِ الْخِرْقَةِ وَغَسْلِ يَدِهِ بِمَاءٍ وَأُشْنَانٍ. (يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) عَلَى الْيَدِ (وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ فَمَهُ وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ كَمَا يَسْتَاكُ الْحَيُّ وَلَا يَفْتَحُ فَاهُ. (وَيُزِيلُ مَا فِي مَنْخِرَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ (مِنْ أَذًى) بِأُصْبُعِهِ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ. (وَيُوَضِّئُهُ كَالْحَيِّ) ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ، وَقِيلَ: يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ، وَيُمِيلُ رَأْسَهُ فِيهِمَا لِئَلَّا يَصِلَ الْمَاءُ بَاطِنَهُ، وَلِخَوْفِ ذَلِكَ حَكَى الْإِمَامُ تَرَدُّدًا فِي أَنَّهُ يَكْفِي وُصُولُ الْمَاءِ مَقَادِيمَ الثَّغْرِ وَالْمَنْخِرَيْنِ، أَوْ يُوصَلُ الدَّاخِلَ، وَقَطَعَ بِأَنَّ أَسْنَانَهُ لَوْ كَانَتْ مُتَرَاصَّةً لَا تُفْتَحُ. (ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ خِطْمِيٍّ (وَيُسَرِّحُهُمَا) إنْ تَلَبَّدَ شَعْرُهُمَا (بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ (وَيَرُدُّ الْمُنْتَتَفَ إلَيْهِ) بِأَنْ يُوضَعَ فِي كَفَنِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ بَابِ التَّكْفِينِ عَنْ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرِهِ (وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ) الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ إلَى قَدَمِهِ (ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) بِالتَّشْدِيدِ (إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرِ إلَى الْقَدَمِ، ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ فَهَذِهِ) الْأَغْسَالُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ السِّدْرِ وَنَحْوِهِ فِيهَا غَسْلَةٌ (وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً) فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ النَّظَافَةُ زِيدَ حَتَّى تَحْصُلَ، فَإِنْ حَصَلَتْ بِشَفْعٍ اُسْتُحِبَّ الْإِيتَارُ بِوَاحِدَةٍ. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُسْتَعَانَ فِي الْأُولَى بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا لِلتَّنْظِيفِ وَالْإِنْقَاءِ، وَمِنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. (ثُمَّ يَصُبُّ مَاءَ قَرَاحٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَيْ خَالِصٍ (مِنْ فَرْقِهِ إلَى قَدَمِهِ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ) أَوْ نَحْوِهِ بِالْمَاءِ فَلَا تُحْسَبُ غَسْلَةُ السِّدْرِ وَلَا مَا أُزِيلَ بِهِ مِنْ الثَّلَاثِ لِتَغَيُّرِ الْمَاءِ بِهِ التَّغَيُّرِ السَّالِبِ لِلطَّهُورِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُحْسَبُ مِنْهَا غَسْلَةُ الْمَاءِ الْقَرَاحِ، فَيَكُونُ الثَّلَاثُ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَيَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِأُولَاهَا. (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ. (قَلِيلَ كَافُورٍ) بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الْمَاءَ لِأَنَّ رَائِحَتَهُ تَطْرُدُ الْهَوَامَّ، وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغُسْلِ ثُمَّ يُنَشَّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيَسْرَعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ«قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَفِي رِوَايَةٍ فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا»، وَقَوْلُهُ:«أَوْ خَمْسًا» إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ رِعَايَةِ الْوِتْرِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ:«إنْ رَأَيْتُنَّ» أَيْ احْتَجْتُنَّ، وَكَافُ ذَلِك بِالْكَسْرِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ. وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ وَثَلَاثَةَ قُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرَ الْقَرْنَيْنِ وَالنَّاصِيَةَ.
(وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَهُ) أَيْ الْغُسْلِ (نَجَسٌ وَجَبَ إزَالَتُهُ فَقَطْ) وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِمَا وُجِدَ (وَقِيلَ) تَجِبُ إزَالَتُهُ (مَعَ الْغُسْلِ إنْ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ) لِيُخْتَمَ أَمْرُهُ بِالْأَكْمَلِ (وَقِيلَ) يَجِبُ مَعَ (الْوُضُوءِ) لَا الْغُسْلِ فِي الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ كَمَا فِي الْحَيِّ. وَأَطْلَقَ الْجُمْهُورُ الْخِلَافَ، وَأَشَارَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ إلَى تَخْصِيصِهِ بِالْخَارِجِ قَبْلَ الْإِدْرَاجِ فِي الْكَفَنِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يُوَافِقُ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ صَاحِبُ الْأَمَالِي: فَجَزَمُوا بِالِاكْتِفَاءِ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الْإِدْرَاجِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِدْرَاجِ (وَيُغَسِّلُ الرَّجُلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةَ الْمَرْأَةُ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَوَّلُ فِيهِمَا الْمَنْصُوبُ. (وَيُغَسِّلُ أَمَتَهُ وَزَوْجَتَهُ وَهِيَ زَوْجَهَا) أَيْ لَهُمْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمَةِ لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا فِي الْأَصَحِّ لِانْتِقَالِهَا عَنْهُ وَالزَّوْجَةُ لَا تَنْقَطِعُ حُقُوقُهَا بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ:«لَوْ مِتِّ قَبْلِي لَغَسَّلْتُك وَكَفَّنْتُك» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْأَمَةِ فِي الشِّقَّيْنِ الْقِنَّةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَهُ غُسْلُهَا أَيْضًا لِارْتِفَاعِ كِتَابَتِهَا بِمَوْتِهَا، وَلَيْسَ لَهَا غُسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ غُسْلُ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ والمستبرأة وَلَا لَهُنَّ غُسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ لِحُرْمَةِ بُضْعِهِنَّ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي الزَّوْجَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ إلَّا أَنَّ غُسْلَ الذِّمِّيَّةِ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ مَكْرُوهٌ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ كَالْمُهَذَّبِ عَنْ النَّصِّ، وَفِي شَرْحِهِ لِسَيِّدِ الذِّمِّيَّةِ غُسْلُهَا. (وَيَلُفَّانِ) أَيْ السَّيِّدُ وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ. (خِرْقَةً) عَلَى يَدِهِمَا (وَلَا مَسَّ) بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ، أَيْ يَنْبَغِي ذَلِكَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ صَحَّ الْغُسْلُ، وَلَا يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي انْتِقَاضِ طُهْرِ الْمَلْمُوسِ، وَأَمَّا وُضُوءُ الْغَاسِلِ فَيُنْتَقَضُ. (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا أَجْنَبِيٌّ) فِي الْمَيِّتِ الْمَرْأَةِ (أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ) فِي الرَّجُلِ. (يُمِّمَ فِي الْأَصَحِّ) إلْحَاقًا لِفَقْدِ الْغَاسِلِ بِفَقْدِ الْمَاءِ الثَّانِي بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فِي ثِيَابِهِ، وَيَلُفُّ الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً وَيَغُضُّ طَرْفَهُ مَا أَمْكَنَهُ، فَإِنْ اضْطَرَّ إلَى النَّظَرِ نَظَرَ لِلضَّرُورَةِ.
(وَأَوْلَى الرِّجَالِ بِهِ) أَيْ بِالرَّجُلِ فِي غُسْلِهِ (أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ وَهُمْ رِجَالُ الْعَصَبَاتِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ الْوَلَاءِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَنْظُرُ مِنْهُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ، وَهُوَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَبَعْدَهُمْ ذَوُو الْأَرْحَامِ، ثُمَّ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، ثُمَّ الزَّوْجَةُ، ثُمَّ النِّسَاءُ الْمَحَارِمُ. وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ. (وَ) أَوْلَى النِّسَاءِ (بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ فِي غُسْلِهَا (قَرَابَاتُهَا وَيُقَدَّمْنَ عَلَى زَوْجٍ فِي الْأَصَحِّ) وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْهَا إلَى مَا لَا يَنْظُرْنَ إلَيْهِ. (وَأَوْلَاهُنَّ ذَاتُ مَحْرَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَنْ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا، فَإِنْ اسْتَوَتْ اثْنَتَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ فَالَّتِي فِي مَحَلِّ الْعُصُوبَةِ أَوْلَى كَالْعَمَّةِ مَعَ الْخَالَةِ وَاَللَّوَاتِي لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُنَّ يُقَدَّمُ مِنْهُنَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْقَرَابَاتِ ذَوَاتُ الْوَلَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ (الْأَجْنَبِيَّةُ ثُمَّ رِجَالُ الْقَرَابَةِ كَتَرْتِيبِ صَلَاتِهِمْ قُلْت إلَّا ابْنَ الْعَمِّ وَنَحْوَهُ) وَهُوَ قَرِيبٌ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ (فَكَالْأَجْنَبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا حَقَّ لَهُ فِي غُسْلِهَا بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ: نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَأَهْمَلَهُ الْأَكْثَرُونَ. (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى رِجَالِ الْقَرَابَةِ (الزَّوْجُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمْ ذُكُورٌ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى مَا لَا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَدُومُ، وَالنِّكَاحُ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ قُدِّمَ شَرْطُهُ الْإِسْلَامُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَيِّتِ.
(وَلَا يَقْرَبُ الْمُحْرِمُ طِيبًا) كَالْكَافُورِ فِي غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ. (وَلَا يُؤْخَذُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ،«قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ وَاقِفٌ مَعَهُ بِعَرَفَةَ: لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَتُطَيَّبُ الْمُعْتَدَّةُ) الَّتِي كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الطِّيبِ وَهُوَ التَّفَجُّعُ عَلَى زَوْجِهَا وَالتَّحَرُّزُ عَنْ الرِّجَالِ، وَالثَّانِي يُسْتَصْحَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْرِمِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ فِي الْمُحْرِمِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ (وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَخْذُ ظُفْرِهِ وَشَعْرِ إبْطِهِ وَعَانَتِهِ وَشَارِبِهِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ كَالرُّويَانِيِّ: وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَوْ الْكَثِيرِينَ الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَالْحَيِّ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَى الْبِلَى. (قُلْت: الْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيِّتِ مُحْتَرَمَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ، بِهَذَا قَالَ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ فِيهِ شَيْءٌ مُعْتَمَدٌ، وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَرَاهَتَهُ عَنْ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَظْهَرِ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَتُفْعَلُ هَذِهِ الْأُمُورُ قَبْلَ الْغُسْلِ.

. فَصْلٌ: [في أحكام الكفن]

يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرِ حَرِيرٍ لِلرَّجُلِ، وَيَحْرُمُ تَكْفِينُهُ بِالْحَرِيرِ، وَيُكْرَهُ تَكْفِينُهَا بِهِ لِلسَّرَفِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ أَوْ مُتَوَسِّطًا فَمِنْ وَسَطِهَا، أَوْ مُقِلًّا فَمِنْ خَشِنِهَا وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ كَلَامٌ آخَرُ. (وَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ) وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ أَوْ جَمِيعَ الْبَدَنِ إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْأَوَّلُ فَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ. (وَلَا تُنَفَّذُ) بِالتَّشْدِيدِ (وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِ) أَيْ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الثَّوْبِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِي الْأَفْضَلِ فَإِنَّهُمَا حَقٌّ لِلْمَيِّتِ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهِمَا، وَلَوْ أَوْصَى بِسَائِرِ الْعَوْرَةِ فَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ بِسَاتِرٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ، فَقَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ فَقَطْ، وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ كُفِّنَ بِثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثَةٍ كُفِّنَ بِهَا وَقِيلَ بِثَوْبٍ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى ثَوْبٍ، فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ، وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: قَوْلُ التَّتِمَّةِ أَقْيَسُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَقَالَ الْغُرَمَاءُ ثَوْبٌ وَالْوَرَثَةُ ثَلَاثَةٌ أُجِيبَ الْغُرَمَاءُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إلَى إبْدَاءِ ذِمَّتُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ إلَى زِيَادَةِ السِّتْرِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ، وَالْوَرَثَةُ بِسَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ، وَقَدْ يَتَشَكَّكُ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ، انْتَهَى.
(وَالْأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ ثَلَاثَةٌ) قَالَتْ عَائِشَةُ:«كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. (وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. (وَلَهَا) أَيْ وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ. (خَمْسَةٌ) رِعَايَةً لِزِيَادَةِ السِّتْرِ فِيهَا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْخَمْسَةِ مَكْرُوهَةٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِلسَّرَفِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِيمَا ذُكِرَ. (وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ) يَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ (وَإِنْ كُفِّنَ) الرَّجُلُ (فِي خَمْسَةٍ زِيدَ عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ تَحْتَهُنَّ) رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنًا لَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ. (وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثُ لَفَائِفَ فَإِزَارٌ وَخِمَارٌ) وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ مَا تُسْتَرُ بِهِ الْعَوْرَةُ وَالْخِمَارُ مَا يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ وَيُجْعَلُ بَعْدَ الْقَمِيصِ وَهُوَ بَعْدَ الْإِزَارِ، ثُمَّ يُلَفُّ. رَوَى أَبُو دَاوُد«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْغَاسِلَاتِ فِي تَكْفِينِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا الْحِقَاءَ ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ». وَالْحِقَاءُ بِكَسْرِ الْحَاءِ. الْإِزَارُ، وَالدِّرْعُ: الْقَمِيصُ (وَيُسَنُّ الْأَبْيَضُ) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْمَغْسُولَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِيدِ. (وَمَحَلُّهُ أَصْلُ التَّرِكَةِ) يَبْدَأُ بِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ مَنْ لِزَوْجِهَا مَالٌ فَكَفَنُهَا عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ الْآتِي (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ تَرِكَةٌ (فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ) سَوَاءٌ فِي الْمَيِّتِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ لِعَجْزِهِ بِالْمَوْتِ وَالْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ. (وَكَذَا الزَّوْجُ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَصْلِ التَّرِكَةِ أَيْ عَلَيْهِ كَفَنُ زَوْجَتِهِ فِي جُمْلَةِ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ، وَالثَّانِي قَالَ صَارَتْ بِالْمَوْتِ أَجْنَبِيَّةً، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَالٌ وَجَبَ فِي مَالِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا كَانَ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يَجِبُ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ فَعَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ التَّكْفِينُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ، وَكَذَا بَيْتُ الْمَالِ وَمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا التَّكْفِينُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ.
وَتُبْسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا وَالثَّانِيَةُ فَوْقَهَا وَكَذَا الثَّالِثَةُ أَيْ فَوْقَ الثَّانِيَةِ. (وَيُذَرُّ) بِالْمُعْجَمَةِ (عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ وَكَافُورٌ يُذَرُّ عَلَى الْأُولَى قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ قَبْلَ وَضْعِ الثَّالِثَةِ. (وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا مُسْتَلْقِيًا) عَلَى ظَهْرِهِ. (وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ) وَيُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ بِالْعُودِ أَوَّلًا (وَتُشَدُّ أَلْيَاهُ) بِخِرْقَةٍ بَعْدَ أَنْ يُدَسَّ بَيْنَهُمَا قُطْنٌ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِ بَدَنِهِ) مِنْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ (قُطْنٌ) عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ (وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ) بِأَنْ يُثْنَى كُلٌّ مِنْهَا مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ ثُمَّ مِنْ طَرَفِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ، وَيُجْمَعُ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَكُونُ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ (وَتُشَدُّ) بِشِدَادٍ خَوْفَ الِانْتِشَارِ عِنْدَ الْحَمْلِ. (فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ نُزِعَ الشِّدَادُ) عَنْهُ (وَلَا يُلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا، وَلَا يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ الْمُحْرِمَةِ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ طِيبًا (وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ فِي الْأَصَحِّ) كَحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ«وَحَمْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ»، رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، الْأَوَّلُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَالثَّانِي التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ. (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَتَيْنِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ) وَهُمَا الْعَمُودَانِ (عَلَى عَاتِقِيهِ وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ تَوَسَّطَ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ وَاحِدٌ كالمقدمتين لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) فِي حَمْلِهَا يَضَعُ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخِرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ والمتأخران كَذَلِكَ (وَالْمَشْيُ أَمَامُهَا بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْهُ بِبَعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا لِلرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَلَا بَأْسَ، بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ«ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ»، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ«أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ فَيَأْتِي بِهِ حِينَئِذٍ، وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ أَوْ انْفِجَارِهِ أَوْ انْتِفَاخِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ.

. فَصْلٌ: [في صلاة الجنازة]

ِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ أَحَدُهَا النِّيَّةُ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ (وَوَقْتُهَا كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ وَقْتُ التَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَجِبُ قَرْنُ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ (وَتَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ) فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) تَعَرُّضًا لِكَمَالِ وَصْفِهَا. (وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ) كَزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو أَوْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ بَلْ تَكْفِيهِ نِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامُهُ جَازَ. (فَإِنْ عَيَّنَ وَأَخْطَأَ) كَأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى زَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، أَوْ رَجُلٍ فَكَانَ امْرَأَةً (بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يُشِرْ إلَى الْمُعَيَّنِ فَإِنْ أَشَارَ صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ (وَإِنْ حَضَرَ مَوْتَى نَوَاهُمْ) أَيْ قَصَدَهُمْ فِي نِيَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ عَلَى الْمُقْتَدِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ (الثَّانِي:) مِنْ الْأَرْكَانِ (أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا». (فَإِنْ خَمَّسَ) عَمْدًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ زَادَ ذِكْرًا، وَالثَّانِي يَقُولُ: زَادَ رُكْنًا، وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ خَمْسًا»، وَلَا تَبْطُلُ فِي السَّهْوِ جَزْمًا، وَلَا مَدْخَلَ لِسُجُودِ السَّهْوِ فِيهَا. (وَلَوْ خَمَّسَ إمَامُهُ) وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَظْهَرِ وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَطْعَ بِهِ (بَلْ يُسَلِّمُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) وَالثَّانِي يُتَابِعُهُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ فَارَقَهُ (الثَّالِثُ: السَّلَامُ) وَهُوَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ كَسَلَامِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي كَيْفِيَّتِهِ وَتَعَدُّدِهِ وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ مَعَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ (الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الْأُولَى) قَبْلَ الثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَابِرٍ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ عَلَى الْمَيِّتِ أَرْبَعًا وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى». (قُلْت تُجْزِئُ الْفَاتِحَةُ بَعْدَ غَيْرِ الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قِرَاءَتَهَا إلَى التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ جَازَ. (الْخَامِسُ: الصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الثَّانِيَةِ) أَيْ عَقِبَهَا، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَيُّنِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا، رَوَى الدَّارَقُطْنِيَّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثَ«لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً إلَّا بِطَهُورٍ وَالصَّلَاةَ عَلَيَّ» لَكِنْ ضَعَّفَاهُ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ لَا تَجِبُ) فِيهَا، بَلْ تُسَنُّ، وَقِيلَ تَجِبُ، وَهُوَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، وَهَذِهِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ. (السَّادِسُ: الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِهَا بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَ لِتَخْصِيصِهِ بِهَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ انْتَهَى، وَأَقَلُّهُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ نَحْوَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَسَيَأْتِي أَكْمَلُهُ (السَّابِعُ: الْقِيَامُ عَلَى الْمَذْهَبِ إنْ قَدَرَ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ لِشِبْهِهَا بِالنَّافِلَةِ فِي جَوَازِ التَّرْكِ، وَالثَّانِي يَجِبُ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ. (وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَاتِ) فِيهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَوَضْعُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ. (وَإِسْرَارُ الْقِرَاءَةِ) فِيهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. (وَقِيلَ يَجْهَرُ لَيْلًا) رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ:«السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً، ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْأَخِيرَةِ». (وَالْأَصَحُّ نَدْبُ التَّعَوُّذِ دُونَ الِافْتِتَاحِ) لِطُولِهِ، وَالثَّانِي يُنْدَبَانِ كَمَا فِي غَيْرِهَا، وَالثَّالِثُ لَا يُنْدَبُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَخْفِيفًا، وَلَا تُنْدَبُ السُّورَةُ فِي الْأَصَحِّ وَيُنْدَبُ التَّأْمِينُ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ (وَيَقُولُ فِي الثَّالِثَةِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُك وَابْنُ عَبْدَيْك إلَخْ) وَبَقِيَّتُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ خَرَجَ مِنْ رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا، أَيْ نَسِيمِ رِيحِهَا وَاتِّسَاعِهَا وَمَحْبُوبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فِيهَا، أَيْ مَا يُحِبُّهُ وَمَنْ يُحِبُّهُ إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَمَا هُوَ لَاقِيهِ، أَيْ مِنْ الْأَهْوَالِ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، اللَّهُمَّ إنَّهُ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَدْ جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ لَهُ، اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْ عَنْهُ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك رِضَاك، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَجَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِك حَتَّى تَبْعَثَهُ آمِنًا إلَى جَنَّتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، جَمَعَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَصْحَابُ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً قَالَ: اللَّهُمَّ هَذِهِ أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدَيْك، وَيُؤَنِّثُ الضَّمَائِرَ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَكَّرَهَا عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ لَمْ يَضُرَّ. (وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ). رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جِنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» إلَخْ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ:«اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ» وَالْجَمْعُ بَيْنَ الدُّعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَبِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَتَقْدِيمُ الثَّانِي مِنْهُمَا لِأَنَّهُ بَعْضُ الْأَوَّلِ بِالْمَعْنَى. (وَيَقُولُ فِي الطِّفْلِ مَعَ هَذَا الثَّانِي اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فَرَطًا لِأَبَوَيْهِ) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا مَصَالِحَهُمَا فِي الْآخِرَةِ. (وَسَلَفًا وَذُخْرًا) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (وَعِظَةً) أَيْ مَوْعِظَةً (وَاعْتِبَارًا وَشَفِيعًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا وَأَفْرِغْ الصَّبْرَ عَلَى قُلُوبِهِمَا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَا تَفْتِنْهُمَا بَعْدَهُ وَلَا تَحْرِمْهُمَا أَجْرَهُ، وَيَشْهَدُ لِلدُّعَاءِ لَهُمَا مَا فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ السَّابِقِ«وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» (وَفِي الرَّابِعَةِ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِالِابْتِلَاءِ بِالْمَعَاصِي وَفِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ: وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلَانِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَلَوْ تَخَلَّفَ الْمُقْتَدِي بِلَا عُذْرٍ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى كَبَّرَ إمَامُهُ أُخْرَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّ التَّخَلُّفَ بِالتَّكْبِيرِ هُنَا مُتَفَاحِشٌ شُبِّهَ بِالتَّخَلُّفِ بِرَكْعَةٍ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ احْتِمَالُ أَنَّهُ كَالتَّخَلُّفِ بِرُكْنٍ (وَيُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي غَيْرِهَا) كَالدُّعَاءِ رِعَايَةً لِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَذَا ذَكَرُوهُ، وَهُوَ غَيْرُ صَافٍ عَنْ الْإِشْكَالِ، أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ النَّصِّ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ قِرَاءَتِهَا إلَى التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ. (فَلَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ أُخْرَى قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْفَاتِحَةِ) بِأَنْ كَبَّرَ عَقِبَ تَكْبِيرِهِ (كَبَّرَ مَعَهُ وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ) عَنْهُ كَمَا لَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ تَكْبِيرِ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ. (وَإِنْ كَبَّرَهَا وَهُوَ فِي الْفَاتِحَةِ تَرَكَهَا وَتَابَعَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَتَخَلَّفُ وَيُتِمُّهَا وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فِي فَاتِحَةِ الْمَسْبُوقِ وَالْأَصَحُّ هُنَاكَ كَمَا تَقَدَّمَ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ اشْتَغَلَ بِافْتِتَاحٍ أَوْ تَعَوُّذٍ تَخَلَّفَ وَقَرَأَ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا تَابَعَ الْإِمَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخَانِ هَذَا التَّفْصِيلَ هُنَا، وَفِي الْكِفَايَةِ لَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ هُنَا، وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ، أَيْ بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ. (وَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ الْمَسْبُوقُ بَاقِيَ التَّكْبِيرَاتِ بِأَذْكَارِهَا) كَمَا فِي تَدَارُكِ بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ. (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي. بِبَاقِي التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ وَلَا يَضُرُّ رَفْعُهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ
(وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا تَقَدُّمُ غُسْلِ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ (لَا الْجَمَاعَةُ) نَعَمْ تُسْتَحَبُّ فِيهَا كَعَادَةِ السَّلَفِ (وَيَسْقُطُ فَرْضُهَا بِوَاحِدٍ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ (وَقِيلَ: يَجِبُ) لِسُقُوطِ الْفَرْضِ (اثْنَانِ) أَيْ فِعْلُهُمَا (وَقِيلَ: ثَلاَثَةًٌ) لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيَّ«صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ»، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ (وَقِيلَ:) يَجِبُ (أَرْبَعَةٌ) كَمَا يَجِبُ عِنْدَ قَائِلِهِ أَنْ يَحْمِلَ الْجِنَازَةَ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ فِي أَقَلَّ مِنْهَا ازْدِرَاءً بِالْمَيِّتِ، قَالَ: وَسَوَاءٌ صَلُّوا جَمَاعَةً أَمْ أَفْرَادًا، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَمَنْ اعْتَبَرَ الْعَدَدَ قَالَ سَوَاءٌ إلَخْ، وَاقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى حِكَايَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ قَوْلَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ بَعْدَ تَعْبِيرِهِ بِالْوُجُوهِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ إنْ بَقِيَ الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ سَقَطَ الْفَرْضُ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الصِّبْيَانُ الْمُمَيِّزُونَ كَالْبَالِغِينَ عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ عَدَدٌ زَائِدٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَقَعَتْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ فَرْضَ كِفَايَةٍ. (وَلَا يَسْقُطُ) فَرْضُهَا (بِالنِّسَاءِ وَهُنَاكَ رِجَالٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالثَّانِي اسْتَنَدَ إلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِنَّ وَجَمَاعَتِهِنَّ كَالرِّجَالِ فَتَأْتِي عَلَيْهِ الْوُجُوهُ السَّابِقَةُ فِيهِمْ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ رَجُلٌ صَلَّيْنَ لِلضَّرُورَةِ مُنْفَرِدَاتٍ وَسَقَطَ الْفَرْضُ بِهِنَّ، وَلَا تُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ تُسْتَحَبُّ فِي جِنَازَةِ الْمَرْأَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إذَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا النِّسَاءُ تَوَجَّهَ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ، وَإِذَا حَضَرْنَ مَعَ الرِّجَالِ لَمْ يَتَوَجَّهْ الْفَرْضُ عَلَيْهِنَّ فَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ إلَّا رَجُلٌ وَنِسَاءٌ، وَقُلْنَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ تَوَجَّهَ التَّتْمِيمُ عَلَيْهِنَّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى فِي هَذَا الْفَصْلِ كَالْمَرْأَةِ، وَجَزَمَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ إذَا صَلَّى الْخُنْثَى عَلَى الْمَيِّتِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَرْأَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ فِي الْأَصَحِّ
(وَيُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ)«لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَلَّى عَلَيْهِ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا»، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَذَلِكَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَمْ لَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ لَا، أَمَّا لِحَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ إلَّا مَنْ حَضَرَهُ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ (وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ. (عَلَى الدَّفْنِ) فَإِنْ دُفِنَ قَبْلَهَا أَتَمَّ الدَّافِنُونَ وَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ كَمَا قَالَ. (وَتَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّفْنِ عَلَى الْقَبْرِ سَوَاءٌ دُفِنَ قَبْلَهَا أَمْ بَعْدَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَبْرِ. (وَالْأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ) وَالثَّانِي بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَطْعًا وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَإِلَى مَتَى يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ قِيلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ إلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ أَبَدًا (وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَالٍ) وَكَذَا قَبْرُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ الْمَيِّتِ الْحَاضِرِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ
(فَرْعٌ) زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ. (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ الْوَالِي) لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْقَدِيمُ أَنَّ الْوَالِيَ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمَالِكِ فِي إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَبَعْدَ الْوَالِي عَلَى الْقَدِيمِ إمَامُ الْمَسْجِدِ ثُمَّ الْوَلِيُّ (فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُوهُ (وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) وَإِنْ سَفَلَ (ثُمَّ الْأَخُ) لِأَنَّ الْأُصُولَ أَشْفَقُ مِنْ الْفُرُوعِ، وَالْفُرُوعَ أَشْفَقُ مِنْ الْحَوَاشِي، وَدُعَاءُ الْأَشْفَقِ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ. (وَالْأَظْهَرُ تَقْدِيمُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَشْفَقُ بِزِيَادَةِ قُرْبِهِ، وَالثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْأُمُومَةِ فِي إمَامَةِ الرِّجَالِ، فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَصْحِيحُ طَرِيقِ الْقَطْعِ بِالْأَوَّلِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ (ثُمَّ) بَعْدَهُمَا (ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَصَبَةُ) الْبَاقُونَ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ) يُقَدَّمُ الْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ اجْتَمَعَ عَمَّانِ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَسَكَتَ عَنْ اجْتِمَاعِ ابْنِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَابْنِ أَخٍ لِأَبٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا كَاجْتِمَاعِ أَبَوَيْهِمَا فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ، ثُمَّ بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ الْمُعْتَقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ. (ثُمَّ ذَوُو الْأَرْحَامِ) وَالْأَخُ لِلْأُمِّ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ أَبُو الْأُمِّ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَقَوْلُ الْوَجِيزِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَصَبَاتِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَذَوُو الْأَرْحَامِ حَمَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى وَارِثٍ مِنْ الْعَصَبَاتِ حَتَّى لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّهْذِيبِ مِنْ تَقْدِيمِ أَبِي الْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ اثْنَانِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (فِي دَرَجَةٍ) كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ فَالْأَسَنُّ الْعَدْلُ أَوْلَى عَلَى (النَّصِّ) مِنْ الْأَفْقَهِ، وَنَصَّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلًا فِي الْأُخْرَى، وَالْجُمْهُورُ قَرَّرُوا النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْأَسَنُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ فَدُعَاؤُهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَكْبَرُ سِنًّا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ شَابًّا وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا حُمِدَتْ حَالُهُ، أَمَّا الْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ فَلَا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: فَالْأَسَنُّ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ الْمُجْتَمِعِينَ فِي دَرَجَةٍ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: بَدَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِوُضُوحِهَا. (وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ الْبَعِيدُ عَلَى الْعَبْدِ الْقَرِيبِ) أَيْ كَأَخٍ رَقِيقٍ وَعَمٍّ حُرٍّ نَظَرًا لِلْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ الْعَكْسُ نَظَرًا لِلْقُرْبِ، وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ وَلَوْ اجْتَمَعُوا فِي دَرَجَةٍ وَاسْتَوَتْ خِصَالُهُمْ فَإِنْ رَضُوا بِتَقْدِيمِ وَاحِدٍ فَذَاكَ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.
«وَيَقِفُ الْمُصَلِّي إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا. عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجُزِهَا أَيْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فَعَلَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ هَكَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ نَعَمْ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَمُرَةَ«أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ فَقَامَ وَسَطَهَا»، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فَيَقِفُ عِنْدَ عَجِيزَتِهِ. (وَتَجُوزُ عَلَى الْجَنَائِزِ صَلَاةٌ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ وَالْجَمْعُ فِيهِ مُمْكِنٌ، وَالْأَوْلَى إفْرَادُ كُلِّ جِنَازَةٍ بِصَلَاةٍ إنْ أَمْكَنَ، وَعَلَى الْجَمْعِ إنْ حَضَرَتْ دَفْعَةً قُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ الرَّجُلُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانُوا رِجَالًا أَوْ نِسَاءً قُدِّمَ إلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ بِالْوَرَعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ مُتَعَاقِبَةً قُدِّمَ إلَيْهِ الْأَسْبَقُ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَفْضَلَ، فَلَوْ سَبَقَتْ امْرَأَةٌ ثُمَّ حَضَرَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ أُخِّرَتْ عَنْهُ وَلَوْ سَبَقَ صَبِيٌّ رَجُلًا قُدِّمَ الصَّبِيُّ، وَقِيلَ الرَّجُلُ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا الْأَوْلِيَاءِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ رَضْوَ أَوْ حَضَرَتْ الْجَنَائِزُ مُرَتَّبَةً فَوَلِيُّ السَّابِقَةِ أَوْلَى رَجُلًا كَانَ مَيِّتُهُ أَوْ امْرَأَةً، وَإِنْ حَضَرَتْ مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. (وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} (وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ وَقَدْ غَسَّلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبَاهُ، رَوَاهُ، أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ وَإِلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينَ وَالدَّفْنَ فِي الْجَوَازِ لِلْمُسْلِمِ وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَسَيَأْتِي فِي الزِّيَادَةِ أَنَّ الْقَرِيبَ الْكَافِرَ أَحَقُّ مِنْ الْمُسْلِمِ. (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ، وَالثَّانِي يَقُولُ: انْتَهَتْ ذِمَّتُهُ، أَيْ عَهْدُهُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَجِبَانِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: بَلْ يُنْدَبَانِ، وَلَا يَجِبُ تَكْفِينُ الْحَرْبِيِّ وَلَا دَفْنُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْنُهُ فِي وَجْهٍ وَفِي وَجْهٍ لَا بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِ، فَإِنْ دُفِنَ فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرَائِحَتِهِ، وَالْمُرْتَدُّ كَالْحَرْبِيِّ.
(وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ عُلِمَ مَوْتُهُ صَلَّى عَلَيْهِ) بَعْدَ غُسْلِهِ وَمُوَارَاتِهِ بِخِرْقَةٍ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ كَمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ بْن أَسِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ، رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي الْأَنْسَابِ، وَذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَوَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُدْفَنُ كَالْأَوَّلِ. (وَالسَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى) ثُمَّ مَاتَ (كَكَبِيرٍ) فَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَمْ يَبْكِ. (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَقِيلَ قَطْعًا لِظُهُورِ حَيَاتِهِ بِالْأَمَارَةِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا وَيُغَسَّلُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ حَيَاتِهِ. (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) فَصَاعِدًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى إمْكَانِهَا وَلَا يُغَسَّلُ فِي الْأُولَى، وَيُغَسَّلُ فِي الثَّانِيَةِ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ أَوْسَعُ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ فِي الْغُسْلِ فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ غُسْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غُسْلُهُ وَتُتْرَكُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْحَرْبِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ» بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ إبْقَاءُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ وَالتَّعْظِيمُ لَهُمْ بِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ دُعَاءِ الْقَوْمِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ (مَنْ مَاتَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ) كَأَنْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ أَوْ أَصَابَهُ سِلَاحُ مُسْلِمٍ خَطَأً أَوْ عَادَ إلَيْهِ سِلَاحُهُ أَوْ تَرَدَّى فِي حَمْلَتِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ رَمَحَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ أَوْ وُجِدَ قَتِيلًا عِنْدَ انْكِشَافِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَثَرُ دَمٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ الْقِتَالِ. (فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَائِهِ) وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِجِرَاحَةٍ فِي الْقِتَالِ يُقْطَعُ بِمَوْتِهِ مِنْهَا (أَوْ) مَاتَ (فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ فَغَيْرُ شَهِيدٍ فِي الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يُلْحَقُ الْأَوَّلُ بِالْمَيِّتِ فِي الْقِتَالِ وَالثَّانِي بِالْمَيِّتِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلَوْ انْقَضَى الْقِتَالُ وَحَرَكَةُ الْمَجْرُوحِ حَرَكَةُ مَذْبُوحٍ فَشَهِيدٌ بِلَا خِلَافٍ، أَوْ وَهُوَ مُتَوَقِّعُ الْبَقَاءِ فَلَيْسَ بِشَهِيدٍ بِلَا خِلَافٍ. (وَكَذَا) لَوْ مَاتَ (فِي الْقِتَالِ لَا بِسَبَبِهِ) كَأَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةً فَغَيْرُ شَهِيدٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ إنَّهُ شَهِيدٌ فِي وَجْهٍ لِمَوْتِهِ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، أَمَّا الشَّهِيدُ الْعَارِي عَنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ كَالْغَرِيقِ وَالْمَبْطُونِ وَالْمَطْعُونِ وَالْمَيِّتِ عِشْقًا وَالْمَيِّتَةِ طَلْقًا وَالْمَقْتُولِ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ ظُلْمًا فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ (وَلَوْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ) كَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي يُغَسَّلُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي غُسْلٍ وَجَبَ بِالْمَوْتِ وَهَذَا الْغُسْلُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَهُ، قُلْنَا: وَسَقَطَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْوَجْهَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّهِيدَ (تُزَالُ نَجَاسَتُهُ غَيْرُ الدَّمِ) أَيْ دَمِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ تُغْسَلَ، وَالثَّانِي لَا تُزَالُ سَدًّا لَبَابِ الْغُسْلِ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تُغْسَلُ، وَالثَّانِي لَا، وَالثَّالِثُ إنْ أَدَّى غُسْلُهَا إلَى إزَالَةِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُغْسَلْ وَإِلَّا غُسِلَتْ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا اُسْتُشْهِدَ كَغَيْرِهِ، وَأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ لَا بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ تُزَالُ وَهِيَ تَصْدُقُ بِمَا إذَا أَدَّتْ إزَالَتُهَا إلَى إزَالَةِ دَمِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ. (وَيُكَفَّنُ فِي ثِيَابِهِ الْمُلَطَّخَةِ بِالدَّمِ) نَدْبًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغًا تُمِّمَ) وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ نَزْعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَتَكْفِينَهُ فِي غَيْرِهَا جَازَ، أَمَّا الدِّرْعُ وَالْجُلُودُ وَالْفِرَاءُ وَالْخِفَافُ فَتُنْزَعُ مِنْهُ.